من طرف the one الأربعاء 25 يونيو 2008, 3:06 pm( يوسف المصري ) كان الأفضل , ومازال الأفضل , وسيظل الأفضل بيننا جميعا ..
( يوسف المصري ) وكيل النائب العام سابقا , والفنان الهارب من الحياة حاليا , والسائر بخطي ثابتة نحو الجحيم مستقبلا ..
درسنا في الثانوية العامة معا , وحصلنا عليها معا , دخلنا كلية الحقوق – عن رغبة منه واستسلام مني – معا , وبرغم أننا لم نحصل علي البكالوريوس معا – فقد سبقني هو بعام واحد – إلا أن ( معا ) لاحقتنا بعدها في الالتحاق بوظيفة النيابة العامة , ومن الثانوية العامة حتى النيابة العامة اندمجنا حتى بات الفصل بيننا أشبه بمحاولة الفصل بين التوءم السيامي , لكي يعيش واحد لابد أن يهلك الأخر !!
لكن ( يوسف ) كان ومازال وسيظل الأفضل ..
( يوسف ) موهوب , ما في هذا من ذرة شك .. ( يوسف ) فنان حقيقي يرسم بالموسيقي ويعزف بالألوان .. ( يوسف ) له بصيرة خارقة تمكنه من سبر أغوار الجريمة , يذكرني ب ( شيرلوك هولمز ) كما اذكره أنا والآخرون بالدكتور ( واطسون ) , هو يمسك بخيط الجريمة ويحللها ويشير بأصابعه نحو الجاني ويجني المديح والشهرة والترقيات وصور الجرائد , بينما اكتفي أنا بالقسم علي انه صديقي , وإنني كنت معه وهو يفعل كذا وكذا , واروي القصص عن عبقريته لترسخ أسطورته أكثر وأكثر في الأذهان ..
لك الظل والحرية يا ( عمرو ندا ) , ولا اعلم لم اذكر نفسي باسمي دائما , وكأنني يمكن أن انسي هويتي في يوم من الأيام ..
يؤمن ( يوسف ) بان الإنسان مهما سعي في هذه الدنيا فلن ينال كل شئ , لابد أن يدفع ثمن سعادته شقاء , وان يقايض فرحه بالحزن و وان يعيش الأبيض والأسود علي أن يشرب الألوان الباقية في كوكتيل مر المذاق .. لكنه نسي أن يذكر نفسه بهذا الإيمان عندما قرر الارتباط ب ( بسمة ) , وعندما أمر بضبط وإحضار السفاح ( قاسم ) في تلك الليلة ..
( بسمة ) كانت قمر الأحلام المسافر , وملاك الجنة المستحيلة , وعبير النسيان الجميل ..
كلماته ترن في أذني قصائد من نور , روي لي عنها الكثير ونحن في طريقنا للعمل , ونحن نتناول الغداء في وقت الراحة , ونحن ننهي أوراق القضايا قبل العرض علي المحكمة , ونحن نتحدث في الهاتف عن أخر الأفلام السينمائية أو عن طريقة عمل ( أم علي ) أو عن عروس خيالي التي تزوجت للمرة الثانية بشخص غيري !!
قابل ( يوسف ) ( بسمة ) في أثناء تحقيقه في قضية مصرع زوجها الشاب بعد شهر من الزواج , شهر العسل الذي لم يكن عسلا .. كانت تبكي دما وهي تروي كيف دخلت إلي غرفة النوم فوجدته غارقا في دمه .. في الغالب كانت تذرف دم زوجها الذي قتل دون أن تدري السبب , ودون أن تصدق انه كان عضوا في تشكيل عصابي قرر تصفيته بعد أن تاب وأناب ..
كان جرحا عميقا , وكان ( يوسف ) رومانسيا ..
رأيت وجهها منتفخا من فرط البكاء في أثناء التحقيقات , وراقبت براعم المحبة التي بدأت تنبثق في قلب صديقي وقلبها .. باركت حبهما بقلبي , وبلساني , ثم بيدي عندما وقعت شاهدا علي عقد زواجهما بعد عام كامل من اللقاء الأول ..
( فلاش باك ) قصير المدى , ( يوسف ) الذي يعشق عمله حتى التداعي – من ضمن ما يتمتع به من صفات البطل – يستجوب ( قاسم ) السفاح الذي قتل بضع فتيات في مناطق في متفرقة .. تلقي الشرطة القبض عليه بعد تحريات طويلة وتدخله إلي سراي النيابة أمام ( يوسف ) بالذات ..
( يوسف ) هو الذي استطاع إمساك خيوط تتبع ( قاسم ) , وهو الذي قبض بيديه علي الأدلة التي ستدينه وترسل به إلي حبل المشنقة مكللا باللعنات والبصاق , وهو ما لم ينسه ( قاسم ) أبدا , وفي الغالب لم ينسه حتى هذه اللحظة , وربما لن ينساه حتى الأبد ..
أغلق ( يوسف ) ملف ( قاسم ) وأرسله إلي المحكمة ثم استعد لقضاء شهر العسل مع ( بسمة ) , لم ينتبه إلي أن ( قاسم ) استطاع الهرب من السجن بوسيلة ما , وجمع المعلومات بوسيلة ما , والتسلل إلي حيث كان يقضي إجازته بوسيلة ما , ثم ..
بووم ..
طلقة في الصدر , ولفظت ( بسمة ) أنفاسها الأخيرة بين ذراعي زوجها , لتنغلق دائرة المأساة الجهنمية ..
وتنفتح دوائر أخري , وربما دوائر ؛ الانتقام ..
بعد أن تحول الرثاء إلي ثار , أعلن ( يوسف ) انه سيقبض علي ( قاسم ) , سيفعلها ولو كانت أخر ما سيفعله في حياته .. لكن ؛ وكان القدر لم تكفه سخرياته , تم القبض علي ( قاسم ) بعدها بأيام معدودة , ولم يكن من القي القبض عليه هو ( يوسف ) , وعندما جاءت الأنباء أن السفاح شنق نفسه في زنزانته , أدرك صديقي حجم الكارثة التي يعانيها ..
وقرر الانسحاب إلي هنا..
لا يري أحدا , لا يكلم أحدا , لا يزور ولا يزار , ليس إلا ( بسمة ) التي يرسمها منذ عام , وحتى تنتهي كل الأعوام .. يراها ويسمعها ويناجيها في الغياب , ثم يتناول أقراصه النفسية ويخلد إلي غيبوبة لا يفيق منها أبدا ..
أنا و( هاني ) نزوره بين وقت وأخر , لكنه في اغلب الأحيان لا ينتبه حتى لو جودنا ..
في هذه الليلة بالتحديد الأمر جد مختلف , فهي قضية له وحده ..
ولكن ..
( يوسف المصري ) وكيل النائب العام سابقا , والفنان الهارب من الحياة حاليا , والسائر بخطي ثابتة نحو الجحيم مستقبلا ..
درسنا في الثانوية العامة معا , وحصلنا عليها معا , دخلنا كلية الحقوق – عن رغبة منه واستسلام مني – معا , وبرغم أننا لم نحصل علي البكالوريوس معا – فقد سبقني هو بعام واحد – إلا أن ( معا ) لاحقتنا بعدها في الالتحاق بوظيفة النيابة العامة , ومن الثانوية العامة حتى النيابة العامة اندمجنا حتى بات الفصل بيننا أشبه بمحاولة الفصل بين التوءم السيامي , لكي يعيش واحد لابد أن يهلك الأخر !!
لكن ( يوسف ) كان ومازال وسيظل الأفضل ..
( يوسف ) موهوب , ما في هذا من ذرة شك .. ( يوسف ) فنان حقيقي يرسم بالموسيقي ويعزف بالألوان .. ( يوسف ) له بصيرة خارقة تمكنه من سبر أغوار الجريمة , يذكرني ب ( شيرلوك هولمز ) كما اذكره أنا والآخرون بالدكتور ( واطسون ) , هو يمسك بخيط الجريمة ويحللها ويشير بأصابعه نحو الجاني ويجني المديح والشهرة والترقيات وصور الجرائد , بينما اكتفي أنا بالقسم علي انه صديقي , وإنني كنت معه وهو يفعل كذا وكذا , واروي القصص عن عبقريته لترسخ أسطورته أكثر وأكثر في الأذهان ..
لك الظل والحرية يا ( عمرو ندا ) , ولا اعلم لم اذكر نفسي باسمي دائما , وكأنني يمكن أن انسي هويتي في يوم من الأيام ..
يؤمن ( يوسف ) بان الإنسان مهما سعي في هذه الدنيا فلن ينال كل شئ , لابد أن يدفع ثمن سعادته شقاء , وان يقايض فرحه بالحزن و وان يعيش الأبيض والأسود علي أن يشرب الألوان الباقية في كوكتيل مر المذاق .. لكنه نسي أن يذكر نفسه بهذا الإيمان عندما قرر الارتباط ب ( بسمة ) , وعندما أمر بضبط وإحضار السفاح ( قاسم ) في تلك الليلة ..
( بسمة ) كانت قمر الأحلام المسافر , وملاك الجنة المستحيلة , وعبير النسيان الجميل ..
كلماته ترن في أذني قصائد من نور , روي لي عنها الكثير ونحن في طريقنا للعمل , ونحن نتناول الغداء في وقت الراحة , ونحن ننهي أوراق القضايا قبل العرض علي المحكمة , ونحن نتحدث في الهاتف عن أخر الأفلام السينمائية أو عن طريقة عمل ( أم علي ) أو عن عروس خيالي التي تزوجت للمرة الثانية بشخص غيري !!
قابل ( يوسف ) ( بسمة ) في أثناء تحقيقه في قضية مصرع زوجها الشاب بعد شهر من الزواج , شهر العسل الذي لم يكن عسلا .. كانت تبكي دما وهي تروي كيف دخلت إلي غرفة النوم فوجدته غارقا في دمه .. في الغالب كانت تذرف دم زوجها الذي قتل دون أن تدري السبب , ودون أن تصدق انه كان عضوا في تشكيل عصابي قرر تصفيته بعد أن تاب وأناب ..
كان جرحا عميقا , وكان ( يوسف ) رومانسيا ..
رأيت وجهها منتفخا من فرط البكاء في أثناء التحقيقات , وراقبت براعم المحبة التي بدأت تنبثق في قلب صديقي وقلبها .. باركت حبهما بقلبي , وبلساني , ثم بيدي عندما وقعت شاهدا علي عقد زواجهما بعد عام كامل من اللقاء الأول ..
( فلاش باك ) قصير المدى , ( يوسف ) الذي يعشق عمله حتى التداعي – من ضمن ما يتمتع به من صفات البطل – يستجوب ( قاسم ) السفاح الذي قتل بضع فتيات في مناطق في متفرقة .. تلقي الشرطة القبض عليه بعد تحريات طويلة وتدخله إلي سراي النيابة أمام ( يوسف ) بالذات ..
( يوسف ) هو الذي استطاع إمساك خيوط تتبع ( قاسم ) , وهو الذي قبض بيديه علي الأدلة التي ستدينه وترسل به إلي حبل المشنقة مكللا باللعنات والبصاق , وهو ما لم ينسه ( قاسم ) أبدا , وفي الغالب لم ينسه حتى هذه اللحظة , وربما لن ينساه حتى الأبد ..
أغلق ( يوسف ) ملف ( قاسم ) وأرسله إلي المحكمة ثم استعد لقضاء شهر العسل مع ( بسمة ) , لم ينتبه إلي أن ( قاسم ) استطاع الهرب من السجن بوسيلة ما , وجمع المعلومات بوسيلة ما , والتسلل إلي حيث كان يقضي إجازته بوسيلة ما , ثم ..
بووم ..
طلقة في الصدر , ولفظت ( بسمة ) أنفاسها الأخيرة بين ذراعي زوجها , لتنغلق دائرة المأساة الجهنمية ..
وتنفتح دوائر أخري , وربما دوائر ؛ الانتقام ..
بعد أن تحول الرثاء إلي ثار , أعلن ( يوسف ) انه سيقبض علي ( قاسم ) , سيفعلها ولو كانت أخر ما سيفعله في حياته .. لكن ؛ وكان القدر لم تكفه سخرياته , تم القبض علي ( قاسم ) بعدها بأيام معدودة , ولم يكن من القي القبض عليه هو ( يوسف ) , وعندما جاءت الأنباء أن السفاح شنق نفسه في زنزانته , أدرك صديقي حجم الكارثة التي يعانيها ..
وقرر الانسحاب إلي هنا..
لا يري أحدا , لا يكلم أحدا , لا يزور ولا يزار , ليس إلا ( بسمة ) التي يرسمها منذ عام , وحتى تنتهي كل الأعوام .. يراها ويسمعها ويناجيها في الغياب , ثم يتناول أقراصه النفسية ويخلد إلي غيبوبة لا يفيق منها أبدا ..
أنا و( هاني ) نزوره بين وقت وأخر , لكنه في اغلب الأحيان لا ينتبه حتى لو جودنا ..
في هذه الليلة بالتحديد الأمر جد مختلف , فهي قضية له وحده ..
ولكن ..
( يتبع )
