سلاح الجريمة سكين ضخم مغروس في العنق من الخلف ..
يقول الشرطي وهو يصعد معنا إلي الطابق الثاني :
_ مأخوذ من طاقم سكاكين المطبخ , ولا بصمات فوقه البتة ..
اسأله معتزا بذكائي :
_ لا اثر لقفازات في الحديقة أو سلال المهملات ؟!
_ لا اثر ..
_ إما انه هرب به , أو انه أجاد إخفاءه ..
يعقب الشرطي :
_ لو أردت رأيي , فبرغم أن للقتيل أعداء كثيرين _ بحكم منصبه وعلاقاته المتشعبة علي الأقل _ إلا أن القاتل من داخل المنزل ..
أقول في استخفاف خفي :
_ بلا دليل ..
_ حدسي لا يخطئ , وستتذكر ما أقول ..
يتوقف ( يوسف ) فجأة ..
يهتز , يرتجف , تسري صاعقة الرعد في أوصاله ويسطع فلاش البرق أمام ناظريه ؛ فيتلوي كموجة ..
_ ما به ؟!
يسال الشرطي قلقا , فأجيب دون وجل :
_ لقد رأي شيئا ما ..
يقطب الشرطي ..
_ ماذا تعني ؟!
تتجمع قطرات العرق فوق وجه ( يوسف ) , يوشك علي السقوط لكنه يتحامل علي نفسه فوق ( الدرابزين ) , ويلهث كعداء , بينما أحاول أنا تجاهل الأمر برمته حتى لا يتحول الشرطي إلي علامة استفهام كبري ..
_ لا عليك .. ماذا كنا نقول ؟!
ويتعالي النداء الخافت من اعلي السلم ..
_ بس .. بس .. بس ..
تنهمر نحوها النظرات , الفتاة الشاحبة حتى الموت في ثوب الكفن الأبيض , شعر ليلي اسود وابتسامة تبعث القشعريرة في الأوصال الباردة ..
( سوسن الراوي ) تقول :
_ تأخرتم !!
انظر نحو ( يوسف ) فأجده غارقا فيها , انه حتى لا يتنفس ..
( سوسن الراوي ) تضحك , وتخفي أسنانها بأصابعها , وتقول في جذل :
_ ما كان يمكن أن تمنعوها من فعلها !!
افقد صبري , وأسالها :
_ عمن تتحدثين ؟!
_ عنه , وعنها !
أسال وقد انتقلت إلي عدوي جنونها :
_ والدك ؟! ( رأفت الراوي ) ؟!
( سوسن الراوي ) تقول :
_ كانت ستقتله , هي أخبرتني بذلك ..
يهتف الشرطي :
_ هل تعرفين من فعلها ؟!
تلمع عيناها الباهتتان , وهي تقول :
_ رأيت كل شئ , وكل شئ سمعت ..
تجحظ عيناي وهما تسالان :
_ من ؟!
_ أمي !!
تقول ..
_ لم تعد تطيق صبرا علي فراقه , فاختارته ليقضي معها الوقت هناك ..
( .. ابنته ( سوسن الراوي ) التي لم تتجاوز الثامنة عشرة , والتي يتم علاجها نفسيا منذ وفاة أمها بعد أن أصيبت بالاكتئاب .. ) ..
ويدوي صوت الجنون :
_ سأذهب إليهما .. بعد أن يقضيا شهر العسل الجديد ..
يدوي صوت الجنون ..
_ سأذهب إليهما !
( يتبع )