_ عصفورة جنة !
قالها ( يوسف ) عن ( سوسن ) ونحن نفتش غرفتها ..
لم نعثر علي شئ , فقط أدوية إضرابات نفسية كالتي يعيش عليها ( يوسف ) , وبعض الملابس والمناشف والأغطية والصور القديمة .. حتى نافذة غرفتها _ البعيدة كليا عن نافذة غرفة المكتب _ محاطة بقضبان حديدية تمنع ( سوسن ) من محاولات الانتحار التي مارستها أكثر من مرة ..
_ أين هي ألان ؟!
أسال ونحن نغادر غرفتها , فيأتي الجواب من الشرطي :
_ الخادمة ( مبروكة ) تعتني بها ..
ثم يشير إلي البابين المتقابلين في الردهة :
_ هذه غرفة ( مادي الراوي ) , وهذه غرفة النوم الرئيسية حيث ( نيللي ) المنهارة لفقد زوجها .. بأيهما نبدأ ؟!
يسبق ( يوسف ) كلماتي ويتجه نحو غرفة منهما ليفتح بابها دون استئذان , ويتصاعد هتاف غليظ :
_ من ؟!
اهرع إليه .. في منتصف الغرفة يقف ثور له هيئة أدمية ,عضلات مفتولة ووجه ضخم التفاصيل بارز الفكين _ لابد انه ( مادي ) ؛ ولابد أننا قطعنا عليه حديثا في الهاتف المحمول , إما الغرفة فهي الفوضى بأبسط وصف , كل شئ مبعثر ومكوم في الأنحاء , وصور أبطال كمال الأجسام والفنانين الغربيين تحتل الحائط المواجه ..
_ أنت ابن القتيل ؟!
أسال , فيزمجر الفتي الغاضب :
_ من انتم ؟!
_ نيابة !!
أقولها بلا ثقة , ونبراتي تهتز بينما الصوت القديم يصرخ بداخلي أن هذا خطا جسيم ؛ خطا قاتل ؛ خطا لا يغتفر ..
يغلق ( مادي ) الهاتف , ويقف أمامنا كبطل إغريقي قبيح الوجه ..
_ ماذا تريدون مني ؟!
_ ماذا تريد أن تخبرنا آنت ؟!
يهز كتفيه ويقول ببساطة :
_ لم اقتله ..
أهز كتفي وأقول ببساطة :
_ لم اتهمك ..
اكره أسلوب كرة ( البنج بونج ) وأفضل الطعن في الصميم :
_ لكن العلاقة بينكما لم تكن علي ما يرام , بالذات هذه الليلة ..
يقول في ضيق :
_ هذا خلاف قديم ..
_ حول ؟!
_ زواجي , انه يرفض ( لبني ) ويري أنها تطمع في أموالي التي هي أمواله ..
صراحة مطلقة لا تملك حيالها إلا أن تتقدم إلي الغرفة وخلفك ( يوسف ) , ينظر ( يوسف ) بتمعن وأناة ؛ ثم يتجه نحو النافذة المطلة علي الحديقة الأمامية ونافذة غرفة المكتب أو القبر الانيق ..
يسال الشرطي الابن الضال :
_ هل تعلم كم سترث بعد موت والدك ؟!
يمط الفتي شفتيه امتعاضا :
_ الكثير , أكثر مما يمكنني أن اعد ..
أغمزه وأقول :
_ والزواج من ( لبني ) دون مشاكل ..
_ هذا حقيقي , ألان سأفعلها دون أن يعترض أي شئ طريقي !
هذا الفتي معتوه كبير !!
_ الحبل !
يقولها ( يوسف ) فنسرع أنا والشرطي نحوه , يلوح عدم الفهم علي وجه ( مادي ) ونحن ننحني فوق الإفريز و ( يوسف ) يشير إلي نقطة ما ..
تتسع عيناي دهشة وأنا افهم ما يرمي إليه :
_ رباه , أنت محق !!
هناك حيث أشار حلقة معدنية بارزة من الإفريز الخارجي , وأمامها مباشرة تأكل طفيف في طلاء المنزل عند الحافة , مما يدل علي وجود حبل كان متدليا من هذه النقطة إلي النافذة السفلية ..
نافذة غرفة المكتب ..
الاستنتاج : تم مد حبل من نافذة غرفة ( مادي ) إلي نافذة غرفة المكتب السفلية , وبهذه الطريقة أمكن الدخول إلي غرفة المكتب عبر النافذة المفتوحة , وارتكاب الجريمة البشعة ..
النتيجة : ( مادي الراوي ) هو المشتبه فيه رقم واحد , حتى لو لم يكن موجودا في المنزل وقتها , فان ابسط تخيل يقوم علي انه استطاع التسلل عائدا إليه وارتكاب الجريمة , ثم العودة إلي الخارج والرجوع ببراءة ..
لكن : مازلت الأدلة المادية ناقصة , وهي الثغرة التي ينفذ أي مجرم منها إلي البراءة , حتى لو كان هو الفاعل الحقيقي ..
( يتبع )